خبراء يحذرون: خطة إنشاء الرصيف العائم على ساحل غزة تعرض الجنود الأميركيين للخطر

كتبت/مرثا عزيز
أعلنت الإدارة الأميركية قبل أسابيع عن بدء إنشاء رصيف عائم على شاطئ قطاع غزة في محاولة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع المحاصر والذي يواجه شماله ووسطه خطر المجاعة.
ورغم أن الإدراة الأميركية تعتقد أن حل الخيار فعال في إدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية، إلا أن خبراء عسكريون يرون أن تلك الخطة ستعرض أفراد الخدمة الأميركية الذين يتعين عليهم بناء وتشغيل والدفاع عن الهيكل لخطر التعرض للهجوم.
وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فإن المسؤولين الأميركيين يقولون إن هذه الجهود (إنشاء الرصيف البحري) يمكن أن توفر ما يصل إلى مليوني وجبة يوميًا في الأراضي التي مزقها العدوان الإسرائيلي، حيث يُخشى حدوث مجاعة وسط القصف الإسرائيلي المستمر وفي ظل قيود صارمة على تدفق الغذاء والدواء وغيرها من المساعدات الإنسانية.
وبينما يؤكد «البنتاغون» أنه لن يتم نشر أي قوات أميركية في غزة، لم يكشف سوى القليل عن المدة التي يمكن أن تستمر فيها العملية وكيف تعتزم وزارة الدفاع الأميركية ضمان سلامة المشاركين، مما أثار قلق البعض في الكونغرس وغيرهم من منتقدي خطة الرئيس بايدن.
ورفض مسؤولون عسكريون الإجابة على أسئلة لصحيفة «واشنطن بوست» حول المكان الذي سيقع فيه الرصيف، وما هي الإجراءات الأمنية التي سيتم اتخاذها.
ورأت الصحيفة أن قرب الجنود الأميركيون – لا سيما في ظل حالة الغضب الشديد من الولايات المتحدة لدعمها لإسرائيل – سيجعل الرصيف هدفاً مغرياً للمقاومة الفلسطينية أو غيرها من الجماعات المسلحة في المنطقة، والتي يتلقى العديد منها الدعم من إيران.وأضافوا أن إطلاق الصواريخ والطائرات الهجومية بدون طيار أو الزوارق السريعة التي تحمل المتفجرات، ستشكل تهديدًا على سلامة الجنود الأميركيين.
ووصف بول كينيدي، الجنرال المتقاعد من مشاة البحرية الذي قاد العمليات الإنسانية الكبرى بعد الكوارث الطبيعية في نيبال والفلبين، بأنه هدف نبيل للولايات المتحدة بأن تقوم بتخفيف معاناة المدنيين في غزة، لكنه تساءل عما إذا كان الجيش الأميركي هو الكيان المناسب للمشاركة.
وقال: «إذا انفجرت قنبلة في ذلك الموقع، فسوف يتساءل الجمهور الأميركي: ماذا كانوا يفعلون هناك في المقام الأول؟».
قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إن تجميع وتشغيل الرصيف سيوفر الإغاثة لآلاف من سكان غزة، وهي مهمة مهمة ستحدث فرقًا.
وشأشار كيربي: «لكننا نعلم أن مثل هذه المهام لا تخلو من المخاطر على الإطلاق… وهذا هو الحال بشكل خاص في منطقة حرب مثل غزة. لن تكون هناك قوات أميركية على الأرض، ونعلم أن قادتنا العسكريين سيبذلون كل جهد لضمان سلامتهم أثناء قيامهم ببناء وتشغيل هذا الرصيف».
واستمعت «واشنطن بوست» خلال تقريرها إلى ثمانية من مسؤولي الأمن القومي الأميركيين الحاليين والسابقين المطلعين على التخطيط المستمر لعملية غزة أو على دراية بالتنسيق المعقد المطلوب لإجراء مهام إنسانية بهذا الحجم بشكل آمن.
وأكد أولئك الذين دافعوا عن الخطة أن «الخطر حقيقي»، ولكن يمكن التحكم فيه، وأن الولايات المتحدة تظهر القيادة من خلال البحث عن طرق جديدة لإطعام الفلسطينيين المحاصرين بسبب القتال.
ومع ذلك، استشهد الكثيرون بالتفجيرات القاتلة في بيروت عام 1983 وأثناء إخلاء القوات الأميركية لأفغانستان في عام 2021 كأمثلة على الصعوبة الهائلة في حماية أفراد الخدمة الأميركية أثناء الإقامة الطويلة في ظروف هشة.وسعى القائد الأعلى للقيادة المركزية الأميركية، الجنرال مايكل إريك كوريلا، إلى طمأنة المشرعين في جلسات الاستماع التي عقدها الكونغرس في وقت سابق من شهر مارس/آذار.
لكن «التحفظات القوية» لا تزال قائمة، كما قال السيناتور روجر ويكر، الجمهوري البارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، وغيره من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، في رسالة إلى بايدن الأسبوع الماضي.
وكتبوا إلى البيت الأبيض: «إننا نشعر بقلق بالغ من أن وزارة الدفاع لم تعط اهتمامًا كبيرًا لاحتمال قيام حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني وغيرهما من المنظمات التي تصنفها الولايات المتحدة بالإرهابية بعملية مهاجمة الأفراد الأميريكيين الذين سيتم نشرهم في هذه المهمة في غزة» – بحد قولهم.
ورفض المسؤولون في المقر الرئيسي للقيادة المركزية الإجابة على أسئلة «واشنطن بوست» حول الإجراءات الأمنية التي سيتم اتخاذها، ولم يكشف المسؤولون الأميركيون علنًا عن المكان الذي سيتم فيه تركيب الرصيف على طول ساحل غزة.
قال مسؤول إنه إذا تعرضت القوات الأميركية لهجوم، فمن المرجح أن يكون الهجوم جوًا، معتبرًا أن التمركز القريب لسفينة حربية تابعة للبحرية مجهزة بنظام الدفاع الصاروخي الباليستي يجب أن يكون كافيًا لحماية الأفراد على الرصيف العائم أو بالقرب منه.
استخدم البحارة الأميركيون هذا النظام مرارًا وتكرارًا قبالة اليمن لإسقاط الصواريخ والطائرات بدون طيار الهجومية التي أطلقها المسلحون الحوثيون، والذين شنوا، منذ نوفمبر/تشرين الثاني، هجومًا على السفن التجارية والعسكرية التي تعبر البحر الأحمر وخليج عدن. وأثبتت نجاحها في الغالب، على الرغم من وقوع عدد من هجمات الحوثيين، ومقتل عدد قليل من البحارة المدنيين .وتابع المسؤول إنه للحماية من السفن السطحية المأهولة وغير المأهولة التي يمكن أن تشكل تهديدات، يمكن للقادة وضع قوات خاصة من البحرية أو أفراد مسلحين آخرين في قوارب صغيرة عالية السرعة، مع توفير قوات الأمن الإسرائيلية الحماية على الأرض.
وقال الجنرال المتقاعد من مشاة البحرية الذي قاد القيادة المركزية من عام 1997 إلى عام 2000، أنتوني زيني، إن عددًا من الخصوم يمكن أن يستهدفوا الرصيف، بما في ذلك حماس وداعش، بحد قوله.
واستشهد بالهجوم الذي وقع عام 2000 على المدمرة الأميركية «يو إس إس كول» في ميناء باليمن، حيث قاد عناصر تنظيم القاعدة زورقًا سريعًا مملوءًا بالمتفجرات إلى المدمرة، مما أسفر عن مقتل 17 بحارًا وإصابة عشرات آخرين.
وتوقع زيني أن يكون للرصيف حلقات أمنية بمشاركة القوات الإسرائيلية وغيرها، ولكن القوات الأميركية ستوفر الطبقة الأعمق من الحماية، مشيرا إلى أن تحليق الطائرات في السماء سيكون ذا قيمة أيضًا.
واستطرد زيني أن المهمة تبدو معقولة، سواء لتخفيف المعاناة أو إرسال رسالة مفادها أن الولايات المتحدة تهتم بالمدنيين الفلسطينيين.
فيما قال جوزيف فوتيل، وهو جنرال متقاعد بالجيش أشرف على القيادة المركزية من عام 2016 إلى عام 2019، إن البنتاغون سيكون متواجدا على الأرجح في وضع قبالة غزة لتوفير الأمن المناسب.، مؤكدا أن القوات الأميركية ستكون في حالة تأهب جيد ومدركة للتهديد، ومن المحتمل أن تحصل على دعم استخباراتي وافر.
وأضاف فوتيل، وهو الآن زميل بارز في معهد الشرق الأوسط، أن التحدي الأكثر أهمية قد يكون تحديد كيفية توزيع المساعدات بمجرد وصولها إلى الشاطئ.
فيما أكد جيري هندريكس، ضابط البحرية المتقاعد وكبير زملاء معهد ساجامور، أنه بغض النظر عن الإجراءات الأمنية المتخذة، فإن الجسر سيكون «معرضًا للخطر للغاية»، ووصف الخطة بأنها «غبية»وقال هندريكس: «هناك الكثير من المخاطر في هذا الأمر بالنسبة لما أعتقد أنه جانب إيجابي صغير نسبيًا من حيث إمكانية تخفيف نقص الإمدادات ونقص الغذاء في المنطقة»، معتبرًا أن توصيل المزيد من الغذاء عبر الطرق البرية هو «الوسيلة الوحيدة» لإحداث تغييراً ملحوظاً في الوضع الفلسطيني.
وحذر هندريكس أيضاً من عدم القدرة على التنبؤ بما سيحدث على الشاطئ، حيث يمكن أن يؤدي يأس الناس إلى الفوضى وزيادة الحشود وموقع جديد للاحتكاك بين القوات الإسرائيلية والفلسطينيين.
وتابع: «في وقت ما، ستنتقل هذه الإمدادات فعليا من الأراضي أو المناطق الأمنية التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي إلى أيدي الفلسطينيين… وفي ذلك الوقت، الحقيقة هي أن الولايات المتحدة لن يكون لها السيطرة على تلك الإمدادات عند نقطة الواجهة تلك».
يتذكر كينيدي، الجنرال المتقاعد من مشاة البحرية، آثار الإعصار الذي ضرب الفلبين في عام 2013، وبينما انتشرت القوات الأميركية هناك للمساعدة، كان يشعر بالقلق من أن جماعة «أبو سياف»، قد تشن هجمات على الأميركيين، لافتا إلى أنه لم يُسمح للقوات الأميركية بإحضار الأسلحة أثناء الانتشار، لذا طلب من الحكومة الفلبينية وضع قناصة في مكان قريب وجعل مشاة البحرية الأميركية تعمل جنبًا إلى جنب معهم كمراقبين.