راعي اغنام يمطر جاره «العجوز» بوابل من الرصاص بسبب عيد ميلاد حفيدته

 

عيونهم حين تتلاقى، تبكى مصيبتهم التي لم ترد ولم تخطر على بال أحدهم، لسان حالهم يعجز عن وصف أحزانهم ولا يتخيلون كيف لجارهم الشاب الذي لم يعجبه علو مكبر الصوت «الساب» بالأغانى خلال عيد ميلاد طفلتهم، وإطلاقه الرصاص على صدر جدها لينهى حياته أمام أعينهم.

أمام المنزل بالمرج الجديدة في القليوبية، كانت والدة الطفلة «لوجى»- 6 سنوات، تجلس حين التقاها جارها «محمود»، راعى أغنام، موبخًا إياها: «صوت الأغانى كان جاى من بيتكم وعالى قوى إمبارح بالليل، إنتوا عالم (..)»، وحين قالت له: «ده كان عيد ميلاد البنت، وزى عيالك وولاد إخواتك»، كان يرد عليها بمزيد من الشتائم، فحملت طفلتها لتدخل البيت وتقول له على مرأى ومسمع من الناس «عندى رجالة هعرفهم، والكلام هيكون معاهم».

تطاير الشر في أعين «محمود»، وقف أمام أم «لوجى»، بتحدٍّ قال لها: «هاتِ الرجالة اللى عندك، وهضربهم لكِ بالنار وكمان هجيبهم لك تحت رجلى»، كان يشير إلى قدميه ليؤكد على الإهانة، وفق كلامها «بكيت واتصلت على جوزى عشان أحكى له اللى حصل».

قبل أسابيع، كان «محمود» ووالده، اللذان يعملان بتربية الأغنام، تشاجرا مع جيرانهم بسبب رائحة المواشى النتنة، واتخذ من رفع صوت الأغانى ذريعة لـ«جر الشكل»
كانت «أم لوجى»، وحدها في المنزل خائفة وجارها يجلس بجوار البيت يدخن الشيشة بعد وصلة الشتائم والتهديدات، ليحضر «حماها» أولًا وهو يمشى محنىّ الظهر لكبر سنه ووهن صحته، يتحدث إلى والد الشاب وكبار المنطقة مطالبًا إياهم بحل الخلاف بهدوء «إحنا ناس مش بتوع مشاكل، وكل اللى له حق ياخده بأدب وذوق»، وجميعهم يتفق «خلاص بعد صلاة المغرب، هنعمل قعدة عرب!».
كان لـ«محمود» قراره المنفرد، صعد إلى منزله ليحمل بندقيته الخرطوش وما إن رأى زوج جارته وشقيقه يتقدمان ناحية والدهما حتى أطلق على صدر والد جاره رصاصة لينهى حياته، ويلوذ بالفرار بينما «العجوز» يُحمل إلى المستشفى حيث الأطباء يؤكدون وفاته.

ابنا المجنى عليه انتظرا تسلم جثة والدهما أمام مشرحة مستشفى بنها التعليمى 48 ساعة لإجراء دفنه بمثواه الأخير، تتساقط الدموع من عيونهما «عيد الميلاد تحول لكابوس»، بدهشة يرددان «معقول كل واحد له خلاف مع جاره يقوم يضربه بالنار»، ويقولان «المتهم كان متربصًا بأبى، وقصد قتله ليحرق قلوبنا، ولم ينتظر قعدة الكبار لأنه عارف إنه غلطان».

ويحكيان عن أن صوت الأغانى بعيد ميلاد الطفلة، لم يكن بالعلو الذي يزعج الجيران كون المناسبة كانت داخل شقة والشكوى لم تأتِ سوى من «محمود» دليل تربصه بنا لشكوانا من رائحة الأغنام الكريهة وتربيتها جوار بيتنا «قلنا لأبوه كذا مرة، إن المنطقة مأهولة بالسكان مينفعش يتربى فيها مواشى»
وأمام المشرحة، وقف أقارب المجنى عليه في ذهول يرون كيف أنهم لم يصدقوا إنهاء حياته على جاره «ابنه بعت على جروب العائلة بـ(الواتساب) إن أبوه قٌتل بالرصاص من قبل جاره، أغلبنا أخذ الكلام على محمل الهزاز!، وحين أكد حقيقه الأمر انتفضنا للانتقال إلى مكان الواقعة ولم نتخيل موته عشان صوت سماعات ليلًا».

المتهم توجه لمركز الشرطة وسلم نفسه واعترف بارتكابه الجريمة، وأنه تشاجر مع جيرانه لارتفاع صوت الأغانى وتبادل السباب معهم، بينما الجيران من شهود العيان يشيرون إلى حُسن أخلاق المجنى عليه وأبنائه وكونهم كانوا يريدون صلحًا مع الجانى.

النيابة العامة باشرت التحقيق وأمرت بحبس المتهم 4 أيام على ذمة التحقيقات، وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة