تجهيزات استغرقت عاما.. قائد عسكري يكشف تفاصيل عملية إسقاط الأسد

كتبت/مرثا عزيز
كشف القائد العسكري السابق لهيئة تحرير الشام، أبو حسن الحموي، عن مخطط استمر لمدة عام كامل لإسقاط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، مشيرًا إلى أن المخطط كان شديد الانضباط حيث نُشرت وحدة جديدة من الطائرات دون طيار، وكان هناك تنسيق وثيق بين جماعات المعارضة في جميع أنحاء سوريا.
وفي 26 يونيو/حزيران الماضي، أفادت حسابات تابعة لهيئة تحرير الشام بأنّ قيادة الهيئة قبلت، استقالة «أبو حسن» من قيادة الجناح العسكري، مع بقائه ضمن صفوف التنظيم، دون ذكر المنصب الجديد الذي سيشغله.
وفي أول مقابلة له مع وسائل إعلام أجنبية منذ سقوط حكم بشار الأسد الذي استمر ما يقرب من ربع قرن، تحدث أبو حسن، إلى صحيفة الغارديان البريطانية، عن كيفية تواصل الهيئة، التي كانت متمركزة في شمال غربي البلاد، مع الفصائل السورية الأخرى في الجنوب لإنشاء غرفة حرب موحدة بهدف تطويق دمشق في نهاية المطاف من كلا الاتجاهين.
عملية «ردع العدوان»
وأضاف القيادي السوري أنه على الرغم من أن التخطيط لعملية الإطاحة بالأسد، التي أطلق عليها «ردع العدوان»، بدأ قبل عام، فإن المجموعة كانت تستعد لسنوات.
ومنذ عام 2019، تعمل هيئة تحرير الشام على تطوير عقيدة عسكرية استخدمتها لتحويل المقاتلين القادمين من جماعات المعارضة والجهادية المتفرقة وغير المنظمة إلى قوة قتالية منضبطة.
وقال الحموي (40 عاما)، الذي أشرف على الجناح العسكري لمدة خمس سنوات، خلال المقابلة التي أجريت في جبلة، معقل النظام السابق «بعد الحملة الأخيرة [أغسطس/آب 2019]، التي خسرنا خلالها مساحات كبيرة من الأراضي، أدركت جميع الفصائل الخطر الحرج، وكانت المشكلة الأساسية هي غياب القيادة الموحدة والسيطرة على المعركة».وشن النظام السوري السابق عملية ضد قوات المعارضة في شمال غربي سوريا في عام 2019، ونجح في دفع الفصائل إلى محافظة إدلب، وبعد معركة أخيرة تفاوضت بعدها تركيا على وقف إطلاق النار نيابة عن قوات المعارضة في ربيع عام 2020، اقتصر وجود المعارضين على جيب صغير من الأرض في شمال غربي سوريا، حيث ظلوا في حالة جمود مع قوات النظام حتى هذا الشهر.
هيئة تحرير الشام أدركت أنها إذا كانت تأمل في هزيمة النظام، فإنها تحتاج إلى غرس النظام في التحالف المختلط من فصائل المعارضة التي تم دفعها إلى إدلب. وعرضت على مجموعات أخرى الاندماج تحت رعايتها، وعندما رفضت، أخضعتها. وقاتلت ضد مجموعات مثل حراس الدين التابعة لتنظيم القاعدة، والتي رفضت النهج الإسلامي الأكثر براجماتية لهيئة تحرير الشام. وسرعان ما أصبحت الهيئة القوة المهيمنة في شمال غربي سوريا.
ومع توحيد القيادة السياسية ببطء، شرع الحموي في العمل على تدريب مقاتلي المجموعة وتطوير عقيدة عسكرية شاملة.
تطوير هيئة تحرير الشام
وقال الحموي «درسنا العدو بشكل معمق، وحللنا تكتيكاته ليلاً ونهاراً، واستخدمنا هذه المعلومات لتطوير قواتنا».
وبدأت هيئة تحرير الشام في إنتاج أسلحتها ومركباتها وذخائرها بنفسها. ونظراً لتفوق نظام الأسد عليها، الذي كان يمتلك قوات جوية ودعماً من روسيا وإيران، أدركت الهيئة أنها بحاجة إلى الإبداع لتحقيق أقصى استفادة من الموارد المحدودة.
وأنشئت وحدة طائرات دون طيار تضم مهندسين وميكانيكيين وكيميائيين. وقال الحموي «وحدنا معرفتهم وحددنا أهدافًا واضحة: كنا بحاجة إلى طائرات استطلاع وطائرات هجومية وطائرات انتحارية، مع التركيز على المدى والقدرة على التحمل»، مضيفًا أن إنتاج الطائرات دون طيار بدأ في عام 2019.وكان أحدث إصدار من طائرات هيئة تحرير الشام دون طيار نموذجًا جديدًا من الطائرات دون طيار الانتحارية، أطلق عليه الحموي نفسه اسم «شاهين»، وهو الاسم الذي يعني الصقر باللغة العربية، «رمزًا لدقتها وقوتها». وجرى نشر هذه الطائرة لأول مرة ضد قوات النظام هذا الشهر، وكانت فعالة للغاية، وتم تعطيل المركبات العسكرية المدفعية بواسطة الطائرات الرخيصة ولكن الفعالة.
رسائل إلى الفصائل
وأرسلت هيئة تحرير الشام رسائل إلى الفصائل الأخرى في الجنوب قبل عام وبدأت في تقديم المشورة لهم بشأن كيفية إنشاء غرفة حرب موحدة، وكانت جنوب سوريا تحت سيطرة النظام منذ عام 2018، وعلى الرغم من القتال المتقطع، أُجبرت الفصائل على الاختباء. وكان جزء كبير من القيادة العسكرية للمعارضة الجنوبية في المنفى بالأردن، حيث حافظوا على الاتصال بمجموعاتهم الخاصة.
وبمساعدة هيئة تحرير الشام، تأسست غرفة عمليات تضم قادة نحو 25 مجموعة قتالية في الجنوب، حيث يتولى كل منهم تنسيق تحركات مقاتليه مع بعضهم البعض ومع هيئة تحرير الشام في الشمال. وكان الهدف أن تقترب الهيئة وحلفاؤها من الشمال وغرفة العمليات الجنوبية من الجنوب، حيث تجتمع كلتاهما في العاصمة.
وفي أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قررت الهيئة أن الوقت أصبح مناسبا، وكانت تريد وقف تكثيف الهجمات الجوية على شمال غربي سوريا وسكانها. ورأت الهيئة أن حلفاء الأسد الدوليين منشغلون، مما خلق فرصة إستراتيجية.
أما روسيا، التي قدمت أغلب الدعم الجوي، فكانت متورطة في أوكرانيا، كما انشغل حزب الله وإيران في الحرب مع إسرائيل.
ساعة الصفر
وفي التاسع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني، شنت هيئة تحرير الشام العملية، فدخلت حلب ثاني أكبر مدينة في سوريا، والتي استغرق نظام الأسد أربع سنوات لانتزاعها من قبضة الفصائل في عام 2016.
وقال الحموي «كنا على قناعة راسخة، مدعومة بسوابق تاريخية، بأن دمشق لا يمكن أن تسقط إلا بسقوط حلب. وكانت قوة الثورة السورية متركزة في الشمال، وكنا نعتقد أنه بمجرد تحرير حلب يمكننا التحرك جنوباً نحو دمشق».بعد سقوط حلب، بدا تقدم الفصائل المعارضة في الشمال وكأنه لا يمكن إيقافه. وبعد 4 أيام، استولى المعارضون على حماة. وفي 7 ديسمبر/كانون الأول، بدأوا هجومهم على حمص. واستولوا على المدينة في غضون ساعات.
وكان من المفترض أن ينتظر المعارضون في الجنوب حتى سقوط حمص لبدء هجومهم الخاص في الجنوب، وفقًا لأبو حمزة، أحد قادة غرفة عمليات تحرير دمشق، ولكن بدافع الإثارة، بدأوا في وقت سابق. وتمكن المعارضون بسرعة من دفع الجيش السوري خارج درعا ووصلوا إلى دمشق قبل أن تصل إليها هيئة تحرير الشام.
فرار بشار الأسد
في 8 ديسمبر/ كانون الأول، فرّ بشار الأسد من البلاد، وقال الحموي، وهو مهندس زراعي تخرج من جامعة دمشق ونزح مع عائلته إلى إدلب بسبب نظام الأسد، إنه سينتقل إلى دور مع الحكومة المدنية الجديدة.
إن احتمالات بناء دولة جديدة ليست بالمهمة السهلة، وهو ما أقر به الحموي. وهناك مخاوف لدى الأقليات الدينية من أن تفرض الجماعة قناعاتها الخاصة.
وأضاف الحموي «نؤكد أن الأقليات في سورية جزء من الوطن ولها الحق في ممارسة شعائرها وتعليمها وخدماتها كأي مواطن سوري آخر، والنظام زرع الانقسام ونحن نحاول قدر الإمكان ردم هذه الانقسامات».