هل تفرض أميركا عقوبات على «الجنائية الدولية»؟

كتبت/مرثا عزيز
في أول رد فعل أميركي على إصدار المحكمة الجنائية الدولية، أوامر اعتقال بحق كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الجيش السابق، يوآف غالانت، اليوم الخميس، قال مستشار الأمن القومي الجديد للرئيس المنتخب ترمب النائب مايكل والتز (جمهوري من فلوريدا)، إن إدارة ترمب ستتخذ إجراءات ضد المحكمة الجنائية الدولية في يناير/كانون الثاني.
وجاءت قرارات المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغالانت، على خلفية اتهامهما بارتكاب جرائم حرب في غزة خلال الفترة من 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى 20 مايو/آيار 2024.
ورأى مايكل والتز أن «المحكمة الجنائية الدولية لا تتمتع بأي مصداقية»، معتبرًا أن «إسرائيل دافعت بشكلٍ قانوني عن شعبها وحدودها ضدّ الإرهابيين».
وقال: «توقعوا ردًّا قويًّا في كانون الثاني/ يناير على تحيز الجنائية الدولية المعادي للسامية».تهديد بفرض عقوبات
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، هدد زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأميركي جون ثون (ديمقراطي جمهوري) بأن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية إذا مضت قدمًا في إصدار مذكرات الاعتقال.
واليوم الخميس، كرر السيناتور ليندسي غراهام (جمهوري من كارولاينا الجنوبية) التهديد بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.
هذا التهديد الأميركي لم يكن الأول، ففي يونيو الماضي قال رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، في بيان «تقف الولايات المتحدة بحزم إلى جانب إسرائيل، وترفض السماح للبيروقراطيين الدوليين بإصدار أوامر اعتقال لا أساس لها للقيادة الإسرائيلية بتهمة ارتكاب جرائم كاذبة».
وفي مؤتمر صحفي، وصف جونسون تصرفات المحكمة الجنائية الدولية بأنها «شائنة وغير معقولة»، وأضاف «يجب معاقبة المحكمة الجنائية الدولية على هذا الإجراء. لا يمكننا أن نسمح لهذا بأن يستمر. إذا سُمح للمحكمة الجنائية الدولية بالقيام بذلك وملاحقة زعماء الدول الذين يختلفون مع أفعالهم، فلماذا لا يلاحقون أميركا؟».
ازدواجية أميركا
وقال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة «ترفض بشكل أساسي» قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت.وجاء في بيان للمتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي: إننا نشعر بقلق عميق إزاء استعجال المدعي العام في السعي إلى إصدار أوامر اعتقال والأخطاء الإجرائية المزعجة التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار. وكانت الولايات المتحدة واضحة في أن المحكمة الجنائية الدولية ليس لديها سلطة قضائية على هذه المسألة.
وهذا الموقف الأميركي من قرارات المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو وغالاننت يعكس ازدواجية كبيرة، في حال أشرنا إلى ترحيب الولايات المتحدة -التي ليست عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية- بمذكرات المحكمة الجنائية الدولية ضد فلاديمير بوتن ومسؤولين روس آخرين في مارس 2023، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.
ردود فعل عالمية
وعقب إصدار المحكمة الجنائية الدولية، أوامر اعتقال بحق كل من نتنياهو وغالانت، اليوم الخميس، بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة انهالت ردود الفعل العالمية، إذ قال متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، إن رد الفعل الفرنسي على أمر اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيكون متوافقا مع مبادئ المحكمة، بحسب «رويترز».
ونقلت وكالة الأنباء الهولندية (إيه إن بي) عن وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب قوله إن بلاده مستعدة للتحرك بناء على مذكرة الاعتقال الصادرة بحق نتنياهو إذا لزم الأمر.
وقال رئيس وزراء أيرلندا سيمون هاريس: بلدنا يحترم دور المحكمة الجنائية الدولية ويجب على أي شخص في وضع يسمح له بمساعدتها في تنفيذ عملها المهم أن يفعل ذلك الآن «على وجه السرعة»، بحسب «رويترز».
من جهته، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مؤتمر صحفي، اليوم الخميس، إن أوامر الاعتقال ليست سياسية وأنه ينبغي احترام قرار المحكمة وتنفيذه، بحسب « يورونيوز».
«بوريل» أكد أنه «ليس قراراً سياسيا، بل هو قرار محكمة، محكمة عدل، محكمة عدل دولية. وقرار المحكمة يجب أن يُحترم ويُنفذ».واعتبرت الرئاسة الأرجنتينية في بيان أن مذكرتي التوقيف الصادرتين عن المحكمة الجنائية الدولية الخميس بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت تتجاهلان حق إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها في مواجهة هجمات مستمرة تشنها منظمات إرهابية.
وأضاف البيان الذي نشره الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي على حسابه على منصة “اكس” أن «إسرائيل تواجه عدوانا وحشيا، واحتجاز رهائن غير إنساني، وشن هجمات عشوائية على سكانها. إن تجريم دفاع مشروع تمارسه دولة ما مع تجاهل هذه الفظائع هو عمل يشوه روح العدالة الدولية».
وقالت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنييس كالامار الخميس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المستهدف بمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية، “بات ملاحقا رسميا”.
وأضافت أنه بعد إصدار مذكرات التوقيف بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت والقائد العسكري لحركة حماس محمد الضيف، «يجب على الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية والمجتمع الدولي برمته أن يفعلا كل ما في وسعهما لضمان مثول هؤلاء الأشخاص أمام قضاة المحكمة الجنائية الدولية المستقلين والمحايدين».
ورحبت حركة حماس، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق بنيامين نتنياهو، ويوآف غالانت، بتهمة ارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقالت حماس في بيان إن «هذه الخطوة التي حاولت الإدارة الأميركية المتواطئة مع جرائم الحرب الصهيونية تعطيلها لأشهر، عبر تهديد المحكمة وقضاتها، ومحاولة ثنيهم عن أداء واجبهم في محاسبة الاحتلال على جرائمه المستمرة في قطاع غزة، تمثل سابقة تاريخية مهمة وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم لشعبنا، وتغاضياً مريباً عن الانتهاكات الفظيعة التي تعرض لها على مدار ستة وسبعين عاماً من الاحتلال الفاشي».
أما مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي فوصف الحكم بأنه «أكاذيب سخيفة وكاذبة» وقال إن القرار «معاد للسامية».
وقال مكتب بنيامين نتنياهو إنه يرفض بشكل قاطع الادعاءات الموجهة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي. كما صدر أمر اعتقال بحق وزير الدفاع السابق يوآف غالانت. وأضاف «لن تخضع للضغوط، ولن تردع، ولن تتراجع» حتى تتحقق جميع أهداف الحرب التي تسعى إسرائيل إلى تحقيقها.