شهداء وجرحى في الشجاعية.. وإسرائيل تدفع آلاف الفلسطينيين إلى النزوح بغزة

كتبت/مرثا عزيز
استشهد 7 فلسطينيين في قصف عنيف على حي الشجاعية بمدينة غزة، تزامنا مع بدء توغل إسرائيلي جديد، اليوم الخميس.
وطالب جيش الاحتلال الإسرائيلي سكان حي الشجاعية بإخلائه والتوجه إلى ما أسماه منطقة إنسانية في غرب مدينة غزة عبر شارع صلاح الدين.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إن الدفاع المدني لم يتمكن من الدخول إلى حي الشجاعية لانتشال الجثامين.
وأضاف المكتب أن المستشفى المعمداني في مدينة غزة عاجزة عن التعامل مع الأعداد الكبيرة للجرحى بسبب نقص الإمكانات.
وأفاد مراسلنا أن آلاف الفلسطينيين نزحوا من الشجاعية جراء القصف العنيف.
وأضاف أن حركة النزوح شملت أيضا أحياء الشعب والتفاح الزيتون، خاصة من قبل الأطفال والنساء وكبار السن، ويتجه النازحون إلى المناطق الغربية من مدينة غزة.
واستقبلت مدارس الإيواء التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» عددا كبيرا من النازحين بعد تحذير وجهه الجيش للسكان بضرورة النزوح فورا.
وأضاف مراسلنا «الأوضاع في المناطق الشرقية لمدينة غزة وتحديدا في حي الشجاعية صعبة جدا، حيث هناك توغل محدود للآليات العسكرية من المنطقة الشرقية رافقه غطاء كثيف من القصف المدفعي والجوي على الحي».
وأكد مراسلنا أن القصف طال إحدى مدارس الإيواء ومستوصفا في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وأكد المراسل أن كثيرا من الأسر أصبحت محاصرة في منازلها المدمرة أصلا والتي عادت إليها مؤخرا في حي الشجاعية.
وتابع قائلا إن «المواطنين الذين خرجوا تجاه المناطق الغربية يشعرون بالقلق لأن مدارس اللجوء تعرضت خلال الأيام الماضية لاستهدافات من قبل الاحتلال أودت بحياة عشرات الفلسطينيين منهم أطفال ونساء إضافة إلى إصابة عدد كبير من المواطنين».
وأضاف أن تركيز الجيش الإسرائيلي على مدينة غزة خلال الأيام الأخيرة يؤكد أن الجيش الإسرائيلي انتقل إلى المرحلة الثالثة، والتي تركز على عمليات نوعية محددة في مناطق شمال القطاع، كما جرى مؤخرا في حي الزيتون عندما توغل الاحتلال بالمناطق الشرقية الجنوبية، ونسف عددا من المنازلحي الشجاعية.. شاهد على الجرائم الإسرائيلية
ودائما ما يبرز حي الشجاعية الحدودي بقطاع غزة في كل مواجهة مع إسرائيل. وعلى مدار عشرات السنين اجتاحت إسرائيل الحي عدة مرات، وقتلت واعتقلت عددا كبيرا من أبنائه، قبل أن تنفذ مجزرتها في 20 يوليو 2014 التي أدت إلى قتل أكثر من 70 فلسطينيا في ليلة واحدة وجرح 400 بعدما وقفت على بوابات الحي عاجزة ليومين.
ويعد الحي الحدودي الذي يقع إلى الشرق من مدينة غزة من أكبر أحياء المدينة. وينقسم إلى قسمين، الشجاعية الجنوبية (التركمان) والشجاعية الشمالية (اجديدة).
بني الحي بحسب بلدية غزة خلال عهد الأيوبيين، وينسب في تسميته إلى «شجاع الكردي» الذي قتل في إحدى المعارك بين الأيوبيين والصليبيين سنة 637 هجرية/ 1239 ميلادية.
ويضم الحي تلة المنطار التي ترتفع بنحو 85 مترا فوق مستوى سطح البحر، واستخدمت على مدار الزمن كموقع استراتيجي عسكري، وكمفتاح لمدينة غزة.
ويعيش في الحي عدد من القادة الفلسطينيين، كان بينهم خليل الحية، القيادي الكبير في حماس التي استهدفت إسرائيل منزله وقتلت نجله وعائلته.
ويبدو البناء في الحي عاديا ولا يحوي منازل فاخرة أو كبيرة، بينما طرقه ضيقة إلى حد ما. ويضم نحو 11 مسجدا، أهمها مسجد «أحمد بن عثمان» أو ما يسميه أهل المدينة بالجامع الكبير، ويحوي قبر الأمير سيف الدين يلخجا الذي تولى نيابة غزة سنة 1445، وهو من مماليك السلطان الظاهر برقوق، إضافة إلى مسجد عثمان بن عفان الذي بني في القرن الرابع عشر.
وتقع إلى الشرق من هذا الحي مقبرة «التونسي»، أو مقبرة «التفليسي»، التي يحب أهل الحي القول إنها تضم قبر شمشون الجبار.
وطالما كان حي الشجاعية مسرحا للمواجهات العنيفة، وقبل الانتفاضة الأولى بعام واحد، شهد الحي مواجهة مسلحة بين مقاتلين فلسطينية وقوات إسرائيلية انتهت بمقتل جنود، وعرفت المواجهة باسم معركة الشجاعية، بينما سجلت إسرائيل أكثر من 13 عملية اقتحام كبيرة للحي أثناء حكم غزةوفي عام 2004 نفذت إسرائيل عملية انتقامية في الحي أدت إلى مقتل أكثر من 17 من سكانه. وفي حرب 2008 قصفته إسرائيل بعنف ودمرت مركز الشرطة المحلي فيه وقتلت منتسبي الأجهزة الأمنية.
وتكرر الهجوم على الحي في 2012 وقصفته إسرائيل مرة ثانية بعنف.
وكان حي الشجاعية قاعدة لفدائيي مصطفى حافظ منذ ثورة 23 يوليو 1952 الذين أرعبوا الاحتلال في بداياته، وشكلوا بدايات المقاومة المسلحة عبر تسللهم للمستوطنات الإسرائيلية، بهدف الاستطلاع وجمع المعلومات.
كما يعد حي الشجاعية معقل “الجبهة الوطنية المتحدة” التي أفشلت مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء عام 1955.
وشهد حي الشجاعية مولد القائد معين بسيسو، شاعر الثورة الفلسطينية، ومفجر انتفاضة مارس 1955.
كما شهد بداية النقاشات الأولى لتشكيل منظمة التحرير الفلسطينية، وجيش التحرير الفلسطيني، وأكبر تجمع للوطنيين والتقدميين، ومولد الجبهة الوطنية المتحدة عام 1967.
وقد شكل حي الشجاعية لسنوات طويلة عقدة لجيش الاحتلال، وعاد إلى دائرة الضوء مجددا، بعد الدور الذي لعبه الحي وكتيبته التابعة لكتائب القسام، المواجهات مع الاحتلال الإسرائيلى، المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، ولم يتمكن الجيش الإسرائيلى من السيطرة على كل مباني الشجاعية.
مصدر قلق دائم لقوات الاحتلال
وصف المراسل العسكري لموقع «واللا» العبري، حي الشجاعية بأنه «أحد أخطر الأحياء في الشرق الأوسط»، وقد رافق هذا المراسل جنود الاحتلال عند اقتحام حي الشجاعية في ديسمبر 2023، وكان شاهدًا على ما واجهه جيش الاحتلال من ألغام نصبتها المقاومة الفلسطينية.
وروت صحيفة إسرائيلية كيف تعرض «لواء جولاني» بالجيش الإسرائيلى إلى «ضربة مؤلمة» حين وقع الثلاثاء الماضي في كمين نصبته كتائب «القسام» في حي الشجاعية، وانتهى بعد معركة استمرت ساعتين ونصف الساعة بمقتل 9 جنود وإصابة آخرين بجروح.
ونقلت الصحيفة أن قائد لواء جولاني، العقيد يائير بلاى، خاطب جنوده بعد ما حدث، وقال: إن «الضربة كانت مؤلمة،وفقدنا أصدقاء حميمين ومقاتلين وقادة»، فيما وصف رئيس أركان الجيش الإسرائيلى، هرتسي هليفي، الكمين/الفخ بأنه كان من نوع «صعب وخطير».
واعتبره رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، «صعبًا وقاسيًا»، وأقر زير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت بوقوع خسائر كبيرة في صفوف الجيش خلال المعارك في الحي.
وأقر الجيش الإسرائيلي بسقوط قتلى (قادة وجنود) في لواء جولاني خلال معارك حامية الوطيس مع مقاتلين فلسطينيين في منطقة القصبة بحي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وقال الجيش الإسرائيلي، في بيان، إن قادة وجنود لواء جولاني خاضوا معارك في عمق الشجاعية مستهدفين البنية التحتية للمقاتلين وعناصرهم في المنطقة.